نجح باحثون في تحديد طفرة وراثية في أحد الجينات البشرية يُمكن أن تؤثر على نسبة تعرض الشخص للسكتة الدماغية، الأمر الذي قد يساهم في تطوير طرق جديدة للفحص والوقاية من السكتات الدماغية الناجمة عن انسداد الأوعية الكبرى.
ذكرت صحيفة “الاندبندنت” البريطانية أن دراسة أجريت على آلاف المصابين بالسكتة الدماغية في بريطانيا وألمانيا تظهر أن هناك رابطا بين أكثر أنواع السكتة الدماغية شيوعا، والذي يحدث نتيجة انسداد أحدث الشرايين المغذية للدماغ، وبين تباين وراثي في جين يعرف باسم “اتش.دي.ايه.سي9″. ورغم أنه من المعروف أن السكتات الدماغية يمكن أن تنتقل وراثيا بين أفراد العائلة الواحدة، فإن هذه الدراسة واحدة من أولى الدراسات التي تحدد بدقة طفرة معينة بالحمض النووي (دي.ان.ايه) في الشفرة الوراثية البشرية يضاعف من خطر إصابة الشخص بانسداد في أحد الشرايين التي تمد الدماغ بالأكسجين.
ومن المعروف بالفعل أن الجين “اتش.دي.ايه.سي9″ يساهم في تكون الأنسجة العضلية وتكوين القلب، غير أن هذا البحث يشير إلى أن الجين يساهم أيضا في نوع خاص من المرض يدعى “السكتة الإقفارية” الناجمة عن انسداد في أحد الشرايين الكبيرة المغذية للدماغ. ويقول بعض العلماء إن تباين الحمض النووي يحدث في نحو 10 في المائة من الكروموسومات التي تحمل الجين “اتش.دي.ايه.سي9″.
وتتضاعف نسبة احتمال الإصابة بهذا المرض لدى الشخص الذي يرث نسختين من الطفرة الجينية، إحداهما من الأم والأخرى من الأب، مقارنة بمن لا يحملون نسخا من الطفرة الجينية. استخدمت الدراسة، التي نشرتها مجلة “نيتشر جينيتيكس” العلمية ومولتها مؤسسة “ويلكم ترست” الخيرية، أسلوبا علميا جديدا نسبيا من الدراسات المتعلقة بتحليل الجينوم للمقارنة بين الحمض النووي لنحو ألف مريض بالسكتة الدماغية والحمض النووي لنحو 40 ألف شخص لم يصابوا بالسكتة.
السكتة الدماغية، أو اعتلال الدورة الدموية الدماغية، من بين أسباب الوفاة الثلاثة الأكثر شيوعا، كما تعد سببا رئيسيا في الإصابة بالعجز المزمن والشلل، لاسيما لدى كبار السن. وتشكل “السكتة الإقفارية” حوالي 80 في المائة من حالات الإصابة بالسكتة الدماغية، وأحد الأسباب الأكثر شيوعا لحدوثها هو انسداد الشرايين الدماغية أو السباتية. وأظهرت الدراسات التي أجريت على توائم متطابقة وأفراد من عائلات لها تاريخ في الإصابة بالسكتة الدماغية أن هناك مكونا وراثيا واضحا مسؤولا عن ذلك، غير أن العلماء لم يتمكنوا حتى الآن من تحديد طبيعة الطفرات المسؤولة بدقة.
ويأمل الباحثون في معرفة العيوب الوراثية التي تزيد من احتمال الإصابة بالسكتة كي يتمكنوا من تصنيع عقاقير طبية أفضل لمواجهة المرض. يقول الأستاذ الجامعي بيتر دونيلي، من جامعة أوكسفورد: “تظهر دراستنا أن الأنواع الفرعية المختلفة للسكتة الدماغية قد تتضمن آليات وراثية مختلفة تماما. وهذا أمر مذهل حقا، قد يدفعنا إلى تطوير علاج يتناسب مع حالات المرضى بشكل فردي”. ويقول بيتر كوليمان، نائب مدير البحث في رابطة السكتة الدماغية التي ساهمت في تمويل الدراسة: “تحدث أكثر من ثلث حالات السكتة الدماغية بسبب انسداد في أحد الأوعية الدموية الكبرى التي تمد الدماغ بالدم. ويبدو أن نتائج هذه الدراسة المهمة تظهر رابطا وراثيا يمكن أن يؤثر على نسبة تعرض الشخص للسكتة بسبب انسداد أحد الشرايين الكبيرة”. وأضاف أن هذا البحث قد يؤدي إلى تطوير طرق جديدة للفحص والوقاية من السكتات الدماغية الناجمة عن انسداد الأوعية الكبرى.
عن دويتشه فيله